الاثنين، 25 مايو 2009

أريجٌ برائحةِ الحب!

بسم الله الرحمن الرحيم



قصتي هذه فازت بالمركز الأول في مسابقة القصة القصيرة التي أجرتها شبكة لها أون لاين و لله الحمد ، و كانت لجنة التحكيم مكونة من النقاد : الدكتور حسين علي محمد حسين ، القاصة صباح الضامن ، الدكتور محمود توفيق حسين ، القاص مشعل العبدلي ، حيثُ أعلن عن المسابقة في بداية شهر ربيع الثاني و قد ظهرت النتائج هذا اليوم الأول من جمادى الثانية حيثُ تُـوجت قصتي بالمركز الأول .

و إليكم القصة:

(أريجٌ برائحةِ الحب!)



كثيراً ما تحدثـَتْ عن ندواته ، رحلاته و مؤلفاته ، عن جلسات الحوار التي كان يعقدها معهم ، عن صراحته و مرحه ، عن مواقفه الشجاعة و كلماته المختلفة .
كنا نقضي أوقاتَ ما بين المحاضرات في مناقشة أفكاره و جوانب شخصيته.
لقد كان والدها المهندس عبد الله هو البطل الحقيقي لجلساتنا يومياً.
فأريج لا تمل الحديث عنه و أنا لا أخفي تعطّـشي لسيرته الجذابة ، حتى أن زميلة ً سألتها: ألا تغارين على والدك؟!
لكن أريج كانت ذات عقليةٍ مختلفةٍ و فضاءٍ شاهقٍ جعلها تدفن كلمات الهمزِ و اللمزِ بعيداً عن حياتها البيضاء.
كانت تغدقني بالكتب المتنوعة التي تكتظُ بها مكتبة والدها الفارهة ، حتى وددتُ لو أنني أحظى بربع ما تحويه مكتبة المهندس عبد الله!
فما أن أضع حقيبتي على السرير إلا و تميل لتبوحَ بكتابٍ و قصاصاتِ جرائد تحوي مقالات والدها المهندس أو خبرٍ عن ندوةٍ ألقاها أو دورةٍ أقامها ، ألملمها في ملفٍ خاص و أضيفُ ذلك الجديد إلى مكتبتي الصغيرة التي أزورها كل ليلة.

أخبرتْني ذات يوم أنها تراني تلك الشخصية التي تمنـّاها والدها لذا هي تمنحني كل كتابٍ أهداها إياه طالما أنها لا تقرأ!
و كثيراً ما نقعُ في حرجٍ شديدٍ أمام الزميلات جراء اللامبالاة الشديدة و الصراحة النادرة في شخصية أريج ، حتى أنني حذرتها من الحديث العفوي و خصوصاً أمام سوسن بالذات ، فستجعلُ النقاءَ بلاءً و ربما آذتنا بكلماتها الجارحة.
كنتُ أخشى على أريج فهي إنسانة شفافة مثلي تماماً غير أنني أُفضِّل أن أتألم على أن تلامس أذنيها حروفاً قاتمة ، كما أنني أستحضرُ وصايا والدتها جيداً حين كانتْ تـُـذكّـرني بأريج بعينين دامعتين ! ، كنتُ أعرف سبب هذه الدموع و سر الاهتمام فيذرفُ قلبي مزيداً من الألم !

بعد خروجنا من الامتحان و لأن أريج كانت تتضورُ جوعاً كعادتها فلقد رمتْ بجوالها إليّ و أسرعت إلى الكافتيريا لتجلب بعض الفطائر ، فإذا بصوت سوسن يأتي من الخلف : مسكينة أريج يا بنات لم تستطع نسيان والدها رغم وفاته قبل ثمان سنوات!

ملاك الخالدي.. منطقة الجوف