الجمعة، 30 أبريل 2010

أشياءٌ تشبهُ الحياة

بسم الله الرحمن الرحيم

أشياءٌ تشبهُ الحياة


(كنتُ أناجيك)

اللحظات ..
تشربُ من أرواحنا
ماءً لا نعرفه ..
ترسمـنا بلا ملامحٍ
تخفيك عن أوردتي..
لأشدوكَ أغنيةً
لا أعرفُ تفاصيلها !


(بلون الجدبِ)
باهتةٌ أرجاءُ مدينتنا الآبقة
هذه التي تزرعُ بالحزنِ صدورنـَا
تتلو عليه يأسها
فيكبرُ أقحواناً بلونِ الجدبِ !


(ابتسامةُ أيلول)

تسلبُ أجمل خفقاتنا
و بهاء أمانينا
تمنحنا عنقودَ حياةٍ رخيص
لا يساوي ابتسامةَ أيلول
رديفةٌ الفناءِ هيَ ..
قاسيةٌ حدَّ انحناءِ الزهور!


(انطفاء)
نُـشبهُ الأريجَ
و يُشبهُنا الحزنْ
كانت أيدينا طرية
نبني بها بيوتاً من أملٍ خائن
لم تعرف هذه الأرض الساذجة
أننا نحلـُم ..
تكاثرت أشواكها
فثبنا إلى حيثُ يشتعلُ الانطفاء!

(هؤلاء يتشابهون)
تعرفـُنا الطرقاتُ الباردة
و الشتاءُ القميء
و لوثة المطرِ الداكن
و غبارُ الأزقةِ الصامتةِ
فالغرباءُ في مدينتنا يتشابهون!


(عُد كما كنت)
أخبرتني البلابلُ
أنك منحتها شيئاً من بريق عينيك
فأصبحتْ تغردُ كل صباح
إلا أنها هاجرت ..
حين حبستَ ابتسامتك عنها
عد كما كنت ..
كي تعود البلابل
و ينهمر الضياء من جديد!


ملاك الخالدي






الثلاثاء، 20 أبريل 2010

الطريق إلى الجنادرية!

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الذي لا يضرُ مع اسمه شيءٌ في السماوات و الأرض و هو السميعُ البصير ، ربنا عليكَ توكلتُ و إليكَ أُنيب ..

الطريق إلى الجنادرية !

تمضي الأيام ، و لا نستطيعُ اقتراف ذنب النسيان بحق لحظاتٍ فريدة تواشجت مع أرواحنا فمنحتها رونقاً مختلفاً جداً ، و بعد ما يقارب الشهر من عودتي من الجنادرية ، ها أنا و في إجازة الربيع أجدُ وقتاً لأجترح شيئاً مما وجدتهُ هناك ! ، و بحقٍ أقول عدتُ و لم تسعني اللغة كي أعبّر عن شعوري العارم إلا بقولي : الحياة مدرسةٌ و نحنُ تلاميذها!
عدتُ و قد امتلأتُ بأطيافِ تجربةٍ أثرتني سيكولوجياً و جعلتني أقرب عن أي وقتٍ مضى لطبائع النفوس ..
هناك التقيتُ جمعاً غير قليل من أديباتٍ و مثقفاتٍ و إعلاميات و شاباتٍ متطوعات في اللجنة النسائية للمهرجان ، كنتُ سعيدة حقاً بكل تلك الأرواح على اختلافها .

فلنبدأ السفر :
لم أعلم أنني سأكون في رحاب الجنادرية إلا قبل السفر بيومٍ واحد! ، و في ذلك اليوم كنتُ على موعدٍ مع صديقتي الأثيرة إلى نفسي (شذا المفرج) بالتعاون مع الرائعة (شذا الضويحي) فلقد أعدّتا لي حفلاً بمناسبة صدور ديواني الأول ، ما أسعدني بشذا و شذا ! و بالأخوات الحاضرات جميعاً ، و أي حرفٍ سيبدو أقل من قدركن يا صديقات القلب و إليكم (تورتة الحفل) :


حينَ عدتُ إلى المنزل ليلاً أسرعتُ إلى غرفتي لألملم أشيائي في حقيبتي فغداً في أول الصباح الباكر ستمضي بي و أخي الطائرة إلى الرياض المضيء ..
لم أشعر بالارتياح إلا حينَ جلستُ و شقيقي في صالة المطار أنتظرُ الرحلة ، حينها تبخرَ كل إرهاقٍ و قلق !
استقبلونا في المطار استقبال الكرماء و أودعونا فندق (قصر الرياض) ، كانت نفسي تتوقُ بشوقٍ لمعرفة أجندة المهرجان فلم يخطر ببالي بأنني سأحضره هذه السنة لذا لم أكن على علمٍ كافٍ بأنشطة المهرجان ، هاتفتُ الأستاذة المسئولة عن الضيفات و وعدتني بإرسال منشورات حول الأنشطة الثقافية النسائية للمهرجان .
و كعادة ملاك ! لم أنتظر طويلاً و سبرتُ حاسوبي فلم يبخل عليّ السيد جوجل بموقع المهرجان و انثالت أمامي أنشطة المهرجان الثقافية و الفكرية ، إذن اليوم الخميس سيرعى صاحب السمو الملكي الأمير : متعب بن عبدالله آل سعود _حفظهُ الله_ حفل افتتاح الأنشطة الثقافية في قاعة الملك فيصل !
(1)
بعد صلاة المغرب توجهنا لمقر الحفل ، نزلتُ أنا في القاعة النسائية و ذهب أخي لقاعة الرجال ..
يا الله ... المكان خالٍ سوى من امرأة واحدة ، هذه المرأة كانت صاحبة الروح الشفافة الدكتورة إقبال العرفج إحدى مسئولات اللجنة النسائية للمهرجان ، لم يحضر الحفل سوى سبع نساء تقريباً ، و لعلي أضعُ عذراً هنا لعدم تواجد الضيفات و ذلك لعدم وصول البعض منهن إلى الرياض و لعدم معرفة الموجودات عن الحفل ، فهو ضمن الأنشطة العامة و ليست النسائية لذا لم يكن مذكوراً في منشورة الأنشطة النسائية التي وُزّعت على الضيفات ..
بعد انقضائه جلستُ في لقاءٍ جميلٍ مع الدكتورة إقبال و ثلاث إعلاميات من بينهن الرائعة ميسون أبو بكر ، بعدها كانت ندوة عن الشخصية المكرمة و هو العلامة عبدالله بن إدريس، لم أتمكن من حضورها كلها فلقد كان أخي متعباً ، و كنتُ مستحضرةً عناء السفر فعدنا إلى الفندق بانتظارِ يومٍ جديد .
(2)
نهار يوم الجمعة لم يكن هناك أي نشاط ، لذا ذهبتُ و أخي لمكتبة جرير لشراء بعض الكتب و بعد المغرب كانت الندوة الكبرى ، التي ستبقى معي لزمنٍ طويل ! ، ندوة (القيم الإنسانية المشتركة أساساً لتعايش الشعوب و حوار الحضارات ) و كانت لمجموعة من المفكرين الكبار على رأسهم العلامة : عبدالله بن بيه من موريتانيا ، حميدة النيفر من تونس ، عطاء الله مهاجراني من إيران ، خليل جهشان من أمريكا و آخرين ، و بالطبع كان الحضور في قاعة الرجال عريضاً و على أعلى المستويات و لم تحضر من النساء سوى أقل القليل ، و كنتُ في أسفٍ لخواء القاعة النسائية ..
بحق استفدتُ جداً من الندوة و دوّنتُ الكثير من النقاط المهمة التي فتحت منافذ الفكر لدي ، و لازلتُ أذكر تلكم الجملة المؤثرة التي بدأ بها العلامة بن بيه : ( ما بالُ الإنسان أصبح يضيقُ ذرعاً بأخيه الإنسان) ! ..
(3)
ثالث الأيام عقدت لنا اللجنة النسائية لقاءً تعريفياً مع منسوبات اللجنة و الأخوات الضيفات من داخل و خارج المملكة ، قامت كل واحدة بتعريف نفسها ، و بعد أن عرّفتُ بنفسي وقفتُ و ألقيتُ قصيدة عن الرياض المضيء كنتُ قد نظمتها فور وصولي و إليكم القصيدة :
جئنا و صوتُ بهائها يترددُ ... ضوءاً و مطلعُ حسنها يتوقدُ
جئنا و حادي القلبِ نفحُ عبيرها ... و سماؤها للآبقين تغردُ
جئنا و نبضُ قلوبنا متأهبٌ ... نحو العناقِ و شوقنا متوردُ
جئنا إليكِ يا رياضُ يزفنا ... شوقُ اللقاءِ و بسمةٌ تتجددُ
فعلى رباكِ أشرقتْ آمالـُنا .... و أرى شعاعَ حضارةٍ يتفردُ
أنتِ سماءُ حضارةٍ و عراقةٍ .... كل النفوسِ إلى رحابكِ توردُ
يا طلعة الصبحِ الشفيفِ خذي دمي .... شوقاً و زفي شهقةً تتمردُ
و خذي اشتعالات الأريج بخافقي .... بوحاً فإن لهيبَ نبضي مُجهدُ
هيا اسكبيهِ على مفاتن جيدها ... فأنا و ربي في الغرامِ مُقيـّـدُ
مهلاً رياضَ الحبِ جئتُ متيماً ... أشدو و يشدو في عروقي الموعدُ
ما جئتُ إلا و الحنانُ يضمني ... و شذى المحبةِ في ثراكِ يرقدُ
ما جئتُ إلا و البياض يحفّني ... لله أنتِ للسماحةِ
محتدُ

بالطبع تعرفتُ على الأخوات و كنتُ مبتهجة بهن حد السماء !

مساءً اتجهنا بالحافلة (نحن الضيفات) إلى مقر الحفل النسائي ، حيثُ كان على شرف و بحضور الأميرة : حصة بنت طراد الشعلان ، حرم خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ، و قد كان الحفلُ خاصاً للمدعوات من إعلاميات و أكاديميات و نحن الضيفات ، و هنا أسجل إعجابي بكلمة الدكتورة : هند الخثيلة حين أطلقتْ مشاعرها في عقد وفاءٍ نثري فريد بعنوان (أنثى .. في حضرة الوطن) ..
و استمتعنا بالأوبريت الذي كان من كلمات الزميلة الشاعرة : لمياء العقيل ، (و كنتُ قد التقيتُ بها مُسبقاً قبل هذه المرة فلقد كانت إحدى الزميلات الفائزات في مسابقة الوطن في عيون الشعر) .
و يجب أن لا أنسى المربية الفاضلة : جواهر العبدالعال ، رئيسة اللجنة الثقافية النسائية و جهودها لإنجاح الحفل ..
الأمسية اليتيمة:
بعد الحفل خـَلت القاعة سوى من نساء معدودات على الأصابع ! ، و قد بدأت الأمسية الشعرية و القاعة شبه خاوية ، كانت أمسية رائعة بحق أحيتها الشاعرة الأردنية الكبيرة: نبيلة الخطيب ، و الشاعرة الصديقة الرقيقة: نادية البوشي ، و الشاعرة زميلتي في شبكة رواء الأدبية : خالدة باجنيد ، و أدارتها الأستاذة: هيفاء القحطاني من جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن ، شكراً للشاعرات الجميلات على إصرارهن على البوح رغم تصحر المكان من الأرواح !

(4)
الأحد كان لابد أن نعود للجوف و لكن الرحلات و ما أدراك ما الرحلات حالت دون ذلك ، و لعل في الأمر خير فلقد حضرنا الندوة (العملاقة) التي كانت تحت عنوان (السلفية .. المفهوم ، المراحل و التحولات) و التي كانت على جلستين طوال خمس ساعات ، ترأس الندوة الدكتور عبدالوهاب أبوسليمان (عضو هيئة كبار العلماء) و أداراها الدكتور: عبدالرحمن الزنيدي (الأستاذ المشارك بجامعة الإمام) ، و حضرها حشد كبير من العلماء و الأكاديميين و المثقفين و كالعادة كانت القاعة النسائية خاوية على عروشها !
أبرز المفكرين في تلك الندوة : د. صالح بن حميد ، د. رضوان السيد ، أ. محمد حسن الأمين ، د.عبد الله البريدي ، أ. هاني فحص ، د.عصام البشير و غيرهم .

و عند الرحيل:
كان بودي لوبقينا هناك حتى آخر يوم لأحضر جميع الندوات ! ، لكن كان ثمة ما يدعونا لأن نعود إلى الجوف ، هنا .. لا أريد التحدث عن حكاية العودة و ما حدث في المطار و تأجيل الرحلة ، لأنني لا أريد أن أفسد الذكريات الجميلة التي قضيتها هناك ! ، المهم .. و بعد ليلة طويلة و صباحٍ شاق في المطار تمكنّا من دخول الطائرة للعودة إلى الجوف ، وصلنا الجوف ظهر الاثنين و غرقتُ في نومٍ طويل !

هكذا باختصار قضيتُ أربعة أيامٍ حافلة ، حمداً لله على أن يسر لي الذهاب و أكرمني به ، شكراً لرئاسة المهرجان على استضافتهم لنا و كرمهم معنا ، شكراً لهم على الأنشطة الأكثر من رائعة ، شكراً لأخي العزيز ، شكراً لكل القلوب النقية ..