الثلاثاء، 26 أكتوبر 2010

المثـقـفـون الجدد

بسم الله الرحمن الرحيم



المثقفون الجدد




لا يخفى على المتابع الواعي ازدياد وتيرة الأصوات المتحدثة باسم المجتمع تحت رداء الثقافة، فكل من كتب سطرين أو بيتين أو ظهر على الشاشة أو أصبح أستاذا في جامعة، فهو مثقف! والقائمة طويلة.
رغم انزعاجي من ظاهرة أصحاب الأصوات المرتفعة الذين يتحدثون في كل مكان وعن كل شيء وباسم أي شيء، إلا أنني على ثقة بارتفاع منسوب الوعي لدى المتلقي، كما أنني على يقين بانخفاض تلك الجعجعة الفارغة إيذانا بانتهائها، فالشجيرات الصغيرة لا تصمد أمام تعاقب الفصول، كما أنها تتوارى بين الأشجار الكبيرة الراسخة.
لست بصدد الحديث عن مفهوم الثقافة الحقة كما وردت عند روادها، فالمجال لا يتسع، لكنني أحيل القارئ لكتاب «فكرة الثقافة» فهو كتاب علمي قيم جدا لتيري إيجلتون، إنما بصدد لفت انتباه القارئ الواعي إلى أن المثقف ليس ذاك العقل المكتنز بالمعلومات المستغرق في ذاته ونخبويته، كما أنه ليس ذاك البوق الفارغ المزمجر على مدار اليوم! إنما هو تلك العين الناقدة المتفاعلة والعقل الواعي الخلاق المنطلق من قاعدة معرفية وأخلاقية متينة، فالتفاعل النقدي والوعي الاجتماعي والثراء المعرفي والعقل الخلاق والمسؤولية الأخلاقية «الأخلاق بمفهومها العميق العظيم لا الجزئي الضيق»، كلها مفاصل هامة، فانعدام أو تلف أحدها يؤدي لخلل في تكوين المثقف وعطائه.
إذن يجب أن نضع في أذهاننا أننا بين مثقف منكفئ يعاني عجزا سيكولوجيا أو عجب ذاتي أو تخوف نسقي، وآخر يعاني تعطش الأنا، فيقول ما لا يفعل أو يصرخ بما لا يعي! وكلاهما يقتات على مائدة هموم المجتمع، بينما غايته لا تتجاوز حدود ذاته المريضة، ومن بين أنصاف المثقفين يجب أن يكون لنا صوتنا ورأينا وتأثيرنا وأثرنا كي لا نجعل من واقعنا ومستقبلنا بضاعة بلا ثمن للمزايدين أو المرجفين!

ملاك الخالدي
(مقالي في شمس للأسبوع المنصرم)

الجمعة، 1 أكتوبر 2010

للوطن : كما شاء الهوى

بسم الله الرحمن الرحيم

بمناسبة اليوم الوطني للوطن المملكة العربية السعودية نظمتُ هذه القصيدة و قد حصلت على المركز الثالث في مسابقة أفضل قصيدة وطنية و قد شارك في المسابقة شعراء من كافة المناطق ..
إليكم القصيدة :


(كما شاء الهوى)

كنْ كما شاءَ الهوى وحيَ اشتياقِ
و اندهـاشـاً حين يـنداحُ التلاقي

كن تراتيلَ مــن العـشــقِ الـذي
يلهبُ الأحداقَ مـن دونِ عـناقِ

كــنْ لـروحي سلسبيلاً كلمـا
شهقتْ عطشى بأنخابِ الفراقِ

كن شعوراً يُغرقُ النبضَ رؤىً
و اغتباطاً ينتشي حد التراقي

وطني يا كــلّ ذراتِ الـمـدى
وطني يا كلّ ألـــوانِ انــدلاقي

وطني أسطورةُ الحــبِ الـتي
أحيتِ العشاقَ أزهارَ انعتاقِ

و مضى يزرعُ أطيافَ العُُلا
يشهر الضوءَ على كل انغلاقِ

أخضرٌ بالعــزِ يأباهُ الــردى
أولٌ أسمى مضى كل سباقِ

شهــدَ الكــونُ له بالكبـرياءِ
قبساً يضوي بآفاقِ انطلاقِ

و عطــاءً أتــرعَ الدنيا و ما
أنجبتْ من فيضهِ كأسَ دِهاقِ

و سماءً من أغــاريدِ أمــانٍ
منحتْ أرجاءنا دفءِ الوفاقِ

أنت ماضينا و مـيــراثُ الهدى
و أمانينا و ما في العمرِ بــاقي

أنتَ نبراسٌ من الطـُهرِ أبــى
أن ينامَ الصبحُ من دونِ انفلاقِ

أنتَ أبياتُ الهوى تجري هنـــا
في رُبا عمري و في دمعي المراقِ

فإن اشتدّت صروفُ الدهرِ يوماً
سوف تسمو رغم أوثانِ النفاقِ

وطنٌ فوق دياجــيـــرِ الـــذي
يزرعُ الموتَ و أفكارَ انشقاقِ

وطنٌ بالحجـةِ المـُـثـلى مـضى
و ضلالُ الفكرِ يمضي لاختناقِ

وطنٌ من نفحةِ العلياءِ أزجى
رؤيةً خضراءَ و القائدُ ساقي

فتمادى و تهــادى و انـبــرى
شامخــاً ينثالُ في كلِ نطــاقِ

موطنٌ الحبِ و يا سرُّ النهى
و أريجُ الروحِ عشْ حلوَ المذاقِ !

بقلم : ملاك الخالدي _ الجوف