الخميس، 25 نوفمبر 2010

لون العيد

بسم الله الرحمن الرحيم

في العيد يندلق الصباح من نحر الكون الوضيء، يتلبسنا الفرح رغم أرواحنا الملوثة بالانكسار، يراودنا فيه الفقد فنتمرغ بالأمنيات الجميلة، نقيّد مشاعرنا المفضوحة بأطواق الأمل والنرجس والتناسي، نتنفس فيه طهارة الوقت ونصاعة الفداء، نبصر لون الصدق يتطاير من ابتسامات الأطفال فيجمع ما تبعثر داخلنا من أحاسيس، نجمع قبلاتهم في ذاكرة القلب كي ننفقها حين تكتظ جيوبه بالحسرات.
في العيد يتحول المرء منا إلى كائن آخر، فيجري ويقفز ويجمع الحلوى إشفاقا بذلك «الطفل» الذي يسكنه ويستفزه حين يجفل، أحيانا يغمض عينيه ويختبئ خلف جدار بعيد حين يتداعى القوم على قربانهم ولكنه يعود بشجاعة فالمشهد الأخير يختصر له الحكاية رغم اتساعها.
نتصفح الوجوه الملونة بالعيد، نبحث عن ملامح نفتقدها لكننا نحاول جاهدين ستر الشوق بحجاب الابتسامة لنحتفي بالوفاء!
في العيد نمعن في الدماء المهرقة فتعود بنا الذاكرة لجدنا إبراهيم وابنه البار، عليهما السلام، وإلى الأرواح التي قضت نحْبَها حين مضى محمد عليه الصلاة والسلام يزرع الضوء، وأخرى على ضفاف الزيتون والبرتقال ما زالت تترى.
أي «فكرة» هذه التي أزلفت هذا «الجود» وسبرت هذه القرون متقدة ولا تزال؟ وأي جود هذا الذي تجاوز النفس؟ وأي عقل ذلك الذي لا يخضع أمام تواتر هذا الفداء والعطاء؟ وأي قلب هذا الذي لا يبتهج بهذا الدفق العظيم؟
لذا علينا الاحتفاء بهذا البياض المتجاوز ودفن رماد الأيام ولو لبضع ساعات اغتباطا وانتشاء، علينا أن نجرع الانتكاسات والانكسارات لنبلسم أرواحنا المشغولة بالوجع لننتشي كانتشاء عقولنا المأزومة باحتساء قهوة مُرة في مساء مثقل بالاغتراب!
أخيراً..
لا بد من القول إن العيد لوحة ملأى بالتفاصيل المختلفة نلونها نحن كيف نشاء فما أجمل أن نلونها بأبهى وأصدق الألوان لنشعرها بشكل مختلف.
ملاك الخالدي

الخميس، 18 نوفمبر 2010

عيدنا أبيض

بسم الله الرحمن الرحيم


عيدنا أبيض

صباح العاشر من ذي الحجة ..

صباح الفداء المندلق من جبين النهار ..

صباح يرسمنا أرواحاً تعبقُ بالعطاء ..

نحنُ من نرسم البهجة لأنفسنا و لمن حولنا

و نحن من يخلق العيد ..

لذا فأنا في كلٍ عيدٍ أرسم الفرح في قلبي

لأسكب السعادة في قلوب من حولي ..

أتى هذا العيد مأهولاً بالفقد

لكنه عابق بالحنين و الأمنيات الجميلة ..

فلنبتسم كثيراً

و لنفرح حد الانتشاء

لأننا كائنات بيضاء ..

لم تتلوث بالأحقاد و الحسد و الافتراء ..

فنحن نعيش لله

ثم للفرح

و هذا يكفي ..

عيدكم فداء و عطاء و فرح

الجمعة، 12 نوفمبر 2010

هل تعرفون زيداً ؟!

هل تعرفون زيداً ؟!



تحت وابل الأخبار الدموية المأساوية دعونا نتحدث عن حرب أخرى لا تقل ضراوة عن حرب المدافع! ، إنها حرب الأفهام ، أو فلنقل صراع (العقليات)! ، لن أتحدث عن صراع الأيدلوجيات أو التيارات و الأديان إنما عن حرب (الثقافة) مع (الجهل)! الجهل الثقافي بالتأكيد فنحنُ في مرحلةٍ تجاوزنا فيها الجهل التعليمي .

سأعرضها لكم عبر حكاية المدعو (زيد) البطل (التراجيدي) الأغرب في مجتمعنا !

زيد من الناس يأكل كما يأكل الناس و يلبس كما يلبس الناس و لكنه يختلف عن بقية الناس ، زيد من الناس إنسان بسيط لكنهُ بما لا يفقهون محيط ، زيد من الناس له عقل كعقولهم لكنهُ يفكر بطريقة تختلف عنهم ، زيد من الناس حين يتحدثون ينصتُ لهم لكنه حين يتفوهُ بشيء لا يفقهوه ، و إن فـقهوا فإنهم يضعون أصابعهم في آذانهم و يستدبروه!

زيد من الناس إن أبدى رأياً اتهموه و إن كتب شيئاً لاموه و إن تميز عنهم ابتلوه ، زيد من الناس إن أحسن ثبطوه و إن صدق جادلوه و إن حاججهم شتموه ، زيد من الناس لم يؤذِ أحداً و لكن لحاجةٍ في أنفسهم كانوا و مازالوا يفكرون في إيذائه بعد أن آذوه ، زيد من الناس يتحاشى مجالسهم المقامة على لحوم الأموات و لكنهم يقتلوه كل يوم و يتعشون عظامه ، زيد من الناس يعيش في عالمه الخاص بعيداً عن عالمهم الداكن و لكنهم يعيشونه كل لحظة ، زيد من الناس إن أصابتهم نقمة حزِن لهم و إن أصابته نعمة حسدوه ، زيد من الناس لم يعرف معنى المكر و الكيد حتى أُصيب بمكرهم فعلـّـموه ، زيد من الناس لم يكن يعرف الكره حتى كرهوه !

لكن زيداً لم يعبأ بهم بل و يشفق عليهم أيما إشفاق ، و ما زال زيدٌ حيّـا يتجرع حيفهم ، و سأنظر في أمره و لعلي آتيكم منه قبس في ليلة شتاءٍ باردة!

ملاك الخالدي

الاثنين، 1 نوفمبر 2010

بسم الله الرحمن الرحيم

كاتب بالغصب!


حين تستمع للمفكر خالص جلبي، أو تقرأ للدكتور يوسف زيدان، سترتفع همتك وتتحفز لمزيد من القراءة الجادة لتثقيف نفسك وتطوير أدواتك، وستجد نفسك أمام بحر فياض، فكل منهما يعد موسوعة علمية فكرية، وما كان هذا إلا نتيجة مكابدة طويلة واستغراق عميق في أمهات الكتب.. وبناتها!
وبقدر ما نظهر لأنفسنا بشكلنا وحجمنا الحقيقي وما يصيبنا من جراء ذلك من إحباط، بقدر ما يتلاشى هذا الشعور، خصوصا لدى النفس الطموحة أمام الفيوض التي ترفدنا وتدفعنا لمزيد من التزود والنهل لنتكئ على قاعدة ثقافية لا بأس بها تبقى سندا لنا حين نتصدى للكتابة أو نجر لحوار أو نقدم عليه.
ولا شك أن النهل والعطاء إثراء ورفد للتجربة، مواصلتهما تراكم ذو تأثير إيجابي على مستوى التفكير واللغة، ولا أعرف حقيقة كيف يجرؤ بعض الأشخاص في بعض الصحف الإلكترونية والورقية على اقتراف الكتابة! حتى إن القارئ العادي فضلا عن المثقف سيلحظ وهن الحرف والفكرة، فلم يعد القارئ «ريسيفر» استقبال وقضم، بل «فلتر» نقد ومحاسبة وهضم، ففي عالمنا المفتوح المنفتح المتواصل ازداد اطلاعا ووعيا.
أنصاف الكتاب أولئك، لن يصمدوا طويلا في ممارسة التحبير دون تثقيف أو تطوير، وقبل ذاك هدف سام يرتقي بالكتابة وصاحبها بعيدا عن حظوظ النفس التي تنتهي بمجرد الوصول لمرحلة الانتفاخ الكاذب، نحن بحاجة ماسة إلى إنصاف أنفسنا والآخرين باستشعارنا للمسؤولية الذاتية والأخلاقية والاجتماعية قبل البدء بالكتابة. وقد شعرت بارتفاع منسوب تلك المسؤولية عند إحداهن في تبريرها لتريثها بنشر إنتاجها حين قالت: كثيرا ما أشعر بالأسى على أشخاص أضاعوا أوقاتنا في قراءة حروفهم الفارغة، وأخشى أن يشعر الآخرون بذلك إزاء حروفي!
وأختم بقول الأديب البرتغالي جوزيه ساراماجو: «إذا لم يكن لدى الكاتب ما يقوله فعليه أن يصمت».
ملاك الخالدي