الخميس، 23 ديسمبر 2010

صباحكِ أجملُ البسمات

بسم الله الرحمن الرحيم



صباحكِ أجملُ البسمات !



للغتي التي لا تموت في يومها العالمي " الثامن عشر من ديسمبر" ، لكِ لغتي العربية الفصحى في هذا اليوم أزكى انتماءٍ و أبهج نشيد ..

أضيئي عتمة الأيامِ و اشتعلي ... وقولي أنك الأنقى بلا وجلِ
و أنك من طيوف الأمس و الآتي ... و أنك عشقنا الأزلي

صباحكِ يشبهُ الأحلامَ يا "لغتي"
صباحك مثل طعمِ السعدِ
مثل نسائم الأشواقِ
مثل سحابة تمطر !
صباحكِ يرسمُ الدنيا و بهجتها
بأجمل ريشة تـُـبهر ..

صباحكِ يلهمُ الشعراءَ و البؤساءَ و البسطاءَ و الحيرى
ليشرقَ وجهُ ديسمبر ..
صباحكِ يزرعُ الزيتونَ في دمنا
و يسقي نبضنا كوثر ..

صباحكِ بعثرَ الأحزان من كل ابتهالاتي
و أسرجَ دمعةَ الأيام قنديلا
يـُـنيرُ سماءَ أبياتي
صباحكِ نفحةُ المجدِ
و ضوءُ حضارةٍ شماء
لا تـُـقهر !

صباحك آخر البسماتْ
آخر شعلة من ذلك التاريخ
و أجمل ما تبقى في غدي المأهولِ بالنكباتْ.

صباحكِ أطهرُ الأعراقِ
إذ يسمو ليجمعنا
و يمسح عن ملامحنا غبار الأمسِ
و اللحظات ..

فلم يبقَ من الأحلام يا "لغتي"
سواكِ يجمعُ الأعراب..
صباحك صوتُ عزتنا
و نخوتنا
و دمعتنا
و وهجُ عزيمةٍ تنداح
لا تـُـكسر ..

صباحك بسمةٌ لا تعرفُ الخذلان
فيبقى وجهك الأنور!


ملاك الخالدي


السبت، 4 ديسمبر 2010

وداعاً

وداعاً

دخول:

في رحلة الحياة القصيرة نأتي "وحدنا" و لكن سرعان ما نصبحُ أعضاءً في جوقة كبيرة ، و بعد حين نغادرها "وحدنا" كما أتينا !

في اللحظات الأخيرة قبل انقضاء عامٍ ملّونٍ بالتقلباتِ و الأمنيات ، مشحونٍ بكثيرٍ من الفوضى و التحديات..
في اللحظاتِ الأخيرة من عامٍ منحنا أفراحاً و دمعات و حفنة لا بأس بها من الأشياء و الأفكار كزادٍ مازج عقولنا و أرواحنا ..
في اللحظات الأخيرة من عامٍ ابتلع الكثير من الأوجه البيضاء و المشاعر الجميلة و أسقط أقنعةً كاذبة يختبيء خلفها الزيف و الرماد ..
في اللحظات الأخيرة من هذا العام....
_ ليس لنا إلا إشعالَ ضوءِ الفرح في ذواتنا لاستقبالِ عامٍ نقي جديد ، يرسم تفاصيل خطواتنا الكثيرة لكننا نحن من سيلونها فلنختر أطهر و أجمل الألوان.
_ليس لنا إلا إسراج الابتسامات لنـُسعدَ أنفسنا و غيرنا و نفضحَ القلوب الملوثة أمام نفسها حين تؤذيها و تحرقها مسحة الفرح على أوجهنا .
_ليس لنا إلا التعلق بحبل الأمل الطويل الممتد من قلوبنا إلى السماء ، نتشبثُ به و نهشُّ به على الصدمات و العثرات ، نـُبلسم به أرجاءنا المتصدعة و نتوقُ إلى فجرٍ يندلق من جبين العلياء ، فحين نذروه أو نقطعه سنـَدفِنُ ما تبقى منـّا في الأرض التي ارتبطنا بها عبر أقدامنا!
_ليس لنا إلا إفراغ الذاكرة من المشاهد القاسية والآسنة و مسح صور الانكسار لنستعد لرفدها بجديدٍ مكتنزٍ بالفأل و النجاح و الابتهاج.
_ليس لنا إلا خلع الزوايا الحادة و القاتمة من حسابات عقولنا لنهندسها بأفكارٍ أكثر انفراجاً و احتواءً و إشراقاً.
_ليس لنا إلا ممارسة التفاؤل و زرعه حيثما كنا و نكون ، لنواصل التحليق بجناحين أكثر قوة ، و العيش بنبضٍ أكثر إصراراً و شغفاً ، فقد حان الوقت لنكفّ عن إبادة انتفاضاتنا المتلاحقة ، نعم حان الوقت لنـُوقف حربنا الظالمة التي أدمت قلوبنا و هتكت إرادتنا بسلاح القنوط.
_ليس لنا إلا تجاهل نوازع العجز داخلنا تلك التي تـُسلمنا للاستسلام أو الكسل ، و نوازع الضعف خارجنا تلك التي يزجيها غيرنا نحونا في لحظات انتصار أحقاهم و أهوائهم و أشواكهم و جهلهم ، نتجاهلها لنمضي بجسارة دون أن نهدر لحظات عمرنا الثمينة في الالتفات لفوران الضعف داخلنا و خارجنا.
_ليس لنا إلا الإبحار في القراءة فحين نقرأ فنحنُ نتحول من كائناتٍ بيولوجية إلى بشرٍ منفعلين بما حولنا متفاعلين معه ، حين نقرأُ فنحن ننفضُ غبارَ الركود عن عقولنا لنزجيها إلى أفقٍ أزكى ، حين نقرأ فنحنُ نحارب الجهل و الفقر و المرض و الحزن و حين نقرأ نعبدُ الله على بصيرةٍ من أمرنا.
_ليس لنا إلا أن يعيش الفرد منا كـ "إنسان" ، بكل ما تحمله هذه المفردة من معاني العزة و العدل و النقاء و التمكين و العطاء ، فإن فـُـقدت إحدى هذه المعاني فسنعيشُ بإنسانية ناقصة .
_ليس لنا إلا الاندياح في فضاءات الله ، نتأملها بعمق فنزدادُ إيماناً بسننه الكونية فهو خالقها و مقدّرها و الباقي بعد انتهائها ، فلم ينتهِ التاريخ يا "فوكوياما" و لم تنتهي الجغرافيا يا "أوبراين" و لم تندثر الفصحى يا "سبيتا" و لم تحتضر الانتفاضة يا "شارون" و ها نحن دخلنا قرناً جديداً و ندخل هذه الأيام عاماً جديداً و مازالت سنن الله تمضي و مازال البياض يجابه السواد بنصاعةٍ لا تلين.*
_ليس لنا إلا إخضاع أنفسنا لمحاكمة عادلة لنطلق سراح أحلامنا و أفكارنا و أعمالنا المضمخة بالضوء و نعدمُ تلك التي لا تستحق الحياة!
_و ليس لي إلا أن أقول مستشعرةً لحظات الأفول و القدوم:
أيها العامُ الذي كنت هنا ... و تواريتَ بلا وعدِ إيابْ
كنتَ فينا كشعاعٍ هادرٍ ... ملأ الأرواح فانزاح الضبابْ
كضياء الشمس إذا يأتي ضحىً ... و يجافينا إذا حان الغيابْ
سننُ الرحمن تجري ها هنا ... وبأصقاع المدى جري السحابْ

خروج:

ما أصعبُ تلك اللحظات التي نضطرُ فيها لخلعِ جزءٍ من حياتنا ، إنها لحظاتُ مخاضٍ قاسٍ قد يوردنا الهلاك إن لم نبغاتهُ بإيمانٍ و أملٍ و تفاؤل ..


هامش:
*"فرانسيس فوكوياما" صاحب نظرية نهاية التاريخ ، "أوبراين" صاحب نظرية نهاية الجغرافيا ، "ولهلم سبيتا" مستشرق غربي دعا العرب لاستخدام اللهجات العامية بدل الفصحى و بذل مجهوداً في سبيل ذلك ، أما شارون فذاكرتنا المكلومة تعرفهُ جيداً .