الجمعة، 11 مارس 2011

الكتاب والإنسان وتداعيات أخرى

بسم الله الرحمن الرحيم


الكتاب والإنسان وتداعيات أخرى

تساؤل أول:
حين استخدم الإنسانُ الأول الحجرَ مستعينا به في صروف حياته هل كان يتصور أنه سيتحول إلى حجرٍ بعد آلاف السنين ؟!

لم أكن أعلم أن اللحظات المبهجة هي التي تضعنا أمام أنفسنا بشكلٍ صادق ، لنبصر مساحات البؤس على امتداد العالم فضلاً عن امتداد أرواحنا المنكسرة ..
أظن أن الذات الواعية تستيقظ كل ذاتِ بهجة لتحافظ على نبض الإنسان داخلنا !

لذا يفرحُ الطفل بقطعة حلوى و يمضي مغتبطاً حد الانتشاء فالعالم و الزمان قد انحسرا فيها و انتهيا إليها ، ليس لانعدام الوعي لديه بل لأن الإنسان داخله لم يـُدنف بسحنة المكان و الزمان و أشباح الإنسان .

_إذن هل تعودين يا ملاك عما دعوتِ إليه في أحد المقالات بشأن التأسيس لطفولة واعية عوضاً عن تلك الآمنة !
_لا بأس .. فلتسقط الطفولة الواعية حتى حين ، رغم أننا قوم تأخذنا الأنفة فنهلك في سبيل ذواتنا ، يؤسفني أن أعترف أننا نعيش بنفوسٍ عقيمة !
_مللنا جلد أنفسنا يا ملاك .. تحدثي عن معرض الكتاب أو عن مجموعتك القصصية الجديدة (لا تبيعوا أغصاني للخريف) أو ..
_لقد كانت فرحتي القصوى أن أجد كتباً حالت بيني و بينها التقلبات و المسافات أو أرى كتابي الصغير على أرفف المكتبات ، لكن لا أعرف لماذا لحظتها انثالت صورٌ كانت قد التقطتها ذاكرتي من نشرات الأخبار و مشاهد أخرى عايشتها فتبعثر جزءٌ غير يسير من ذلك الشعور الكبير.
_بسيطة .. احجبي نفسك عن مشاهدة الأخبار !!
_ و هل أستطيع حجب ذاكرتي عن التذكر و عينيّ عن الإبصار ؟!
فهناك على ضفة يا بسة .. أناس بلا دواء ..
بلا رغيف أو مأوى أو وطن أو حتى ابتسامة .
لقد كانوا يموتون على قارعة الحياة .
و آخرون يعيشون بعقولٍ قيد الانتظار.
_أي الفريقين أشد مرارة ؟
_لا فرق فكلها في ميزان الحياة نقصان يترك ثقباً لا يمكن مواراته أو تجاوزه .

و على ضفةٍ أخرى..
أناس يقضون حياتهم ملوثين بالدنيا ، يجرعون كؤوسها النخرة أو يقتاتون فتات أو ابتسامات غيرهم .
هؤلاء الذين يصنعون ماء حياتهم من أوجاع الآخرين !
كم وددتُ أن يعلموا أنهم يثملون بدموع الغافلين و المستضعفين لينشرخ كيان الجبروت فيهم .

ضفة اليباس يقاسون النقصان أما الضفة الأخرى فسيفضي بهم الحال إلى خسران .. إنها فلسفة يجب استحضارها كل حين لنبلسم بها تفاصيل الذاكرة و الحياة المشغولة بالتحدي و مقارعة الانكسار و الأسى.
إن وضع الإنسان في هذا العصر يشي برماد لذا حريٌّ بكل واحدٍ منا أن يصنع الأمل و يعلق على بوابة روحه يافطة من ضوء تقول : متفائل حتى إشعارٍ آخر !
ليس لنا إلا البحث عن أنفسنا في أوراقنا و نبضاتنا الصادقة ، ليس لنا إلا زرع البياض في ذواتنا لنعيش ككائنات تستطيع قطع المسافات المتبقية حتى لا نستيقظ يوماً ما مفلسين عاجزين عن استيعاب مناكفات و مدافعات الحياة .

نخفي موجات الانكسار ، نرتدي شجاعة تقاوم الذبول ، و دموعنا تقف على حافة الاندلاق ، فندفعها بابتسامة لنكمل بقية المشهد الذي يشبهنا إلى حدٍ كبير .

تساؤل أخير:
تقلبات البشر هل تخلق داخلنا شعوراً بعدم الشعور ، و هل الشعور بعدم الشعور هو البلادة ، أم أن الشعور و البلادة لا يلتقيان؟!

ملاك الخالدي

هناك 4 تعليقات:

  1. وجدتُ في ذاتك جدار يسد أمامك طريق معين رغم أن لديك عدة طرق .
    لا أعلم ما مادة هذا الجدار ، ولا أدري ما هذا الطريق وما مؤداه .
    حاولي التغلب على تلك العقبة ، وامضي إلى الأمام .
    الله سبحانه معاك ..
    أسأل الله لك التوفيق والتيسير..

    ردحذف
  2. رائعة كا أنتِ وكما عهدتكِ
    بوركتِ وبورك نقاء الحرف

    ردحذف
  3. الكريمة ملاك ..
    سلام الله عليك
    تقبل الله طاعتك وكل عام أنت بخير رغم الألم ..
    كان تساؤلك الأخير :
    تقلبات البشر هل تخلق داخلنا شعوراً بعدم الشعور ، و هل الشعور بعدم الشعور هو البلادة ، أم أن الشعور و البلادة لا يلتقيان؟!
    ربما كان خطؤك مقصودا أن تقولي ( داخلنا ) لكي لا تجرحي مشاعرنا معشر القراء، والصواب ( داخلكم ) ..
    فأنت تكتبين من هناك وليس من هنا ..

    تقبلي مروري
    مع وافر احترامي
    أحمد عبد العزيز
    كاتب سابق بمنتدى الإسلام اليوم

    ردحذف