الجمعة، 26 أغسطس 2011

وقفات رمضانية


_ في برنامج للدكتور محمد العوضي بمعية العالم عمرو الشريف رئيس أقسام الجراحة بجامعة عين شمس تناولا محور (العلم الحديث في مواجهة الإلحاد) كان برنامجاً استثنائياً فهو من جهة يجلّي الحقيقة لكل لاديني بدلائل علمية طبية بيولوجية و من جهة أخرى يرفد كل مؤمن بفيض روحاني علمي ثقافي فيجعله يقرأ القرآن بروح و عقل كلاهما مختلف ، حينها تساءلت في نفسي عن سبب غياب علماء التشريح و الطب و الفيزياء المسلمين عن مثل هذه القضايا و هذا الدور؟
وهم أكثر الناس خشية من الله ، لماذا تحولوا إلى علماء دنيا فقط؟

_(قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين).
إنها النفس البشرية التي تضيق بالجدال و استفاضته خصوصاً حين تكون تلك النفس مُعاندة مُكابرة أو مُنحازة مُنغلقة ، كما أن فيها إشارة إلى حاجة بعض البشر إلى الدلائل المحسوسة المادية لا المعنوية النظرية و تحديداً في المجتمعات البدائية التي لم تصل بعد إلى نضجٍ عقلي يمكّنها من إدراك البراهين العقلية ، و ربما كان نزوعهم إلى فض الجدال لإدراكهم وهن حججهم مقابل قوة الحق الذي يصدع به نوح عليه السلام ، هؤلاء يستجلبون لذهني كل من ينحاز لرأيه و يغلق باب الحوار ، طبعا هذا تأملٌ في الآية و ليس تفسيرا لها.

_الأطفال الذين يكسرون المصابيح الجديدة في الشارع بالحجارة أو الذين يلقون بالألعاب النارية على المارة يشعرونني بالخجل و أنا أبصر هذا الثقب الحضاري ، فالهوة شاسعة بين ماوصلنا إليه مدنيّاً و بين هذه السلوكيات ، لكنهم أيضاً يُشعرونني بالشفقة إزاءهم فلابد أنهم يعانون من حرمانٍ ما! نعم حرمانٌ في جوانب لا نعلمها من حياتهم تدفعهم للتلذذ بإيذاء الأرواح و الأشياء.

_أخبرتني أنها تنهي القرآن الكريم كل يومين ! ، في الحقيقة بإمكاني تفهّم إنهاء أي كتاب في ظرف يومين إلا أن القرآن الكريم بزخمه العلمي و اللغوي و الفكري و الروحاني من جانب و ما يقتضيه من تدبر و تأمل من جانب آخر و ما يستلزمه من آداب حين التلاوة أيضا تجعلني أُفضّل قراءة العقل والقلب و إن طالت على قراءة اللسان و إن كان ختم المصحف حينها خمسة عشر مرة في شهر واحد.

_الأطفال الذين يملأون مُصليات النساء حتى تحولت المساحة الخالية خلف الصفوف ملعباً و مبكى أو أولئك الذين يعبثون بحجاب تلك أو يتمرغون على سجادات الصلاة أو يقذفون بعضهم بعلب الماء يفسدون الخشوع حقاً ، أليس في هذا انتهاك لحرمة الله و العباد؟! ، حين حمل رسول الله الحسن و الحسين في المسجد مُشرّعاً بذلك إحضار الأطفال للصلاة ، كأنه يقول ربوا أبناءكم كهذه التربية ثم أحضروهم ، تلك تربية فاطمة و علي فشمروا عن قلوبكم و عقولكم معشر الآباء و الأمهات.

_ قد يستوقفنا وصف الله لإبراهيم عليه السلام بالأُمّة ، فهو ذو الخلق النبيل و الروح الوارفة إذ يقابل قسوة أبيه و شراسته في سبيل الأصنام بقوله : (سأستغفر لك ربي) ، وهو العالم الحكيم إذ يحاجج ذلك المعاند فيفحمه بقوله : ( فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأتِ بها من المغرب) ، وهو ذو العقل المتسائل المتفكر إذ خاطب ربه بتأدبٍ جم سائلاً إياه بقوله : (ربِ أرني كيف تحيي الموتى) و هنا تحفيز للبحث عن الحقيقة لا الجمود و التلقي فقط ، و هو الجسور الذي لا يأنف من الاعتراف بالحق و العودة عما سواه : (فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي فلما أفلت قال يا قوم إني برئ مما تشركون) في زمنٍ بات البعض يستميت و يقضي حياته في الدفاع عن رأيه ، و هو عليه السلام الذي أسمانا بـ "المسلمين" _كما في بعض التفاسير_ قال تعالى : (ملة أبيكم إبراهيم هو سمّاكم المسلمين من قبل) ، لذا كان أُمّةً و إماماً ، فأين نحن من هذا الإمام الأمة و أين نحن من تسميته لنا و كيف يتجرأ البعض فيسمي و يصنف الآخرين وفق ما يراه؟

_ في رمضان قد تتحول لمدقق إملائي للرسائل الواردة ، كنت أتجاهل التدقيق في هذا الشأن إلا أن الخطأ في حق الله يستفز بالتأكيد ، فكم ورد هذا الدعاء مغلوطاً بهذا الشكل (اللهم إنك عفوا تحب العفو فاعفوا عنا) والصواب هكذا : (اللهم إنك عفوٌ تحب العفو فاعف عنا) ، عفواً إن الله عفو !

_ تمر الأعياد و مازالت تلك تذهب للمحكمة و تجيء بشأن قضية ميراث ، يا رب اجعل في هذا العيد نهاية لحكايتها التي طالت !



ملاك ،،

هناك تعليق واحد:

  1. بسم الله الرحمن الرحيم

    ماأجمل هذه الوقفات النورانية وماأجمل الأنامل الإيمانيةالتي سطرت هذه الوقفات

    وفقك الله في دربك المضيء

    ردحذف