الجمعة، 27 نوفمبر 2009

العيدُ الذي لا يجيء !

بسم الله الرحمن الرحيم

(العيدُ الذيْ لا يجيء ! )


(1)
يجيءُ عيدهمْ
بابتهاجِ طفلٍ
و أمنياتِ مـُـتعبين
يلقي بها إليهمْ ..
تنتظرُ بعيداً عن قلوبهم المختبئةِ
ثمةَ جوارحٌ
لا تعرفُ من العيدِ سوى (وليمةٍ)
و أجسادٍ مدنفةِ برائحةٍ فاخرةٍ
و سحنةٍ كاذبة !

(2)
يجيءُ عيدهمْ
بلونِ الخريفِ القميء
يغشى خلاياهم
يـَحْمِلـُـونَ لحومَ الناسِ
تنوءُ بها موازينهم
يلعقونَ أصابعهم
تأخذهم غفلةُ الانتشاءِ
يمارسونَ غـَـيـََّهم
و آلامُ المـُـقـَـددين تتمدد في الفناءِ الآخرِ !

(3)
يجيءُ عيدهم
و ملامحهم ذات نكهةٍ واحدةٍ
و حكايةٍ واحدةٍ
أعمارهم مكتنزة بالفوضى و الانتهاءِ
يزفرونَ دُخاناً أسوداً
تلعنهُ الملائكةُ
يـُصافحونَ به عيدهم
فيـُغادرهم و قد امتلأت تفاصيلهُ بالوجع!

(4)
يجيءُ عيدهم
و أوعيتهم متكورةٌ حدَ الانفطار
و ثمةَ أفواهٌ مشرعةٌ
أعياها اليبسُ و الانتظار
و هناكَ أجسادٌ محززة
تنتظرُ يداً
تمسحُ عن أوردتها الغبار
و لم يأتِ النهارُ بجديد
فتنكسرُ أغصانها ببطء!

(5)
يجيءُ عيدهم
وَ همْ خاسرون
مارسوا الجريَ الهزيلَ
خلفَ (مطاطٍ) منتفخٍ
أخرجوا ما تبقى في جيوبهم من موتٍ
ليمحقوا به أنفسهم
أَحرقوا فـُتاتَ البياضِ الذي يجمعهم
على مائدة جرحٍ كل ذات حزن !
سيقتلهم الخواءُ
فلا فـُـتات ليجترحوا الشبع .
(موسى غرناطة)* ..
لم ترسمهُ الأيامُ في ذاكرتهـم
ليتهُ ينفلقُ في الأرضِ من جديد
ليخبرهم نبأَ الحلمِ البهيجِ ..

(6)
تلك هي مدائنُ القلقِ
حينَ أزهرتْ
ابتلعتها طرقُ (الإسمنتِ)
يتكاثرُ الموتُ المواربُ
في تـُرابـِـها ..
تغتسلُ بالرياءِ كلَ صباحٍ
تكتنفها الوحشةُ و الضجيجُ
(ماكوندو)** تستنسخُ عينيها
في تلك الأنحاءِ الساذجةِ ..

.......
*موسى بن أبي الغسان ، أحد شهداء غرناطة في القرن التاسع.
**ماكوندو قرية افتراضية التهمها الصراع بعد أن كانت نقية (مائة عام من العزلة).

ملاك الخالدي
منطقة الجوف _ السعودية

هناك تعليقان (2):

  1. قليب المالحة27 نوفمبر 2009 في 8:46 ص

    رائع ماخط يراعك أيها الرائعة
    وكل صباح وأنتي في عيد

    ردحذف
  2. الأخ الكريم : قليب المالحة

    أشكرك .. و كل يوم و أنت في فرح

    بارك الله فيك

    ردحذف