الأحد، 12 سبتمبر 2010

حكاية العيد

بسم الله الرحمن الرحيم


_الجميع بانتظاره ، يجري على ألسنتهم ، يرجئون أفراحهم و أفكارهم لحين هطوله، مضت لذهني صورته مختلفةً عن ذاك الذي رأيت في الأعوام الخالية ، انتظرتهُ كما لم انتظره من قبل بل أنها المرة الأولى التي أشتاقه منذ سنوات ، لم يكن ثمة جديد إلا أنني أبصرته بزاوية تختلفُ نسبياً عن ذي قبل ، تُـرى هل جمال العيد في انتظاره لا في معايشته ؟!

_يمعنون النظر في المرآة صباح العيد بحثاً عن ملامح جديدة ، كم أتوقُ لمرآة تطلعنا على دواخلنا لنتبين مقدار صفائها من انكدارها ، أم أن هذه مهنة أرواحنا المُغيـّبة ؟ ، كم نحن بلهاء حين نقف لنشاهد القشور ثم لا نبدأ بالبحثِ عن الذات !

_في العيد يمارس البعض أكبر عملية خداع ، كيف للفرد أن يصافح و يصالح الآخرين و هو عاجزٌ عن طمس آلامه و انكساراته و غافلٌ عن مصافحة ذاته و مصالحتها ، ربما ذاكرة الوجع أقوى من النسيان إلا أنه الأقدر على مصافحة ذاته و احتوائها .

_العيد شماعة مناسبة نعلّق عليها كل عمليات التسويف و أشكال العجز ، نحن أعجز من عجزنا على الاعتراف أو صمودنا بوجه الانجراف !

_أولئك البعيدون الذين نتواشج معهم ، إن لم نشاطرهم العيد فلنمنحهم بعض اللحظات ، فما نشعره قد يكون ذاته يسكنهم و إن لم يكن فذلك طهرة للقلب ! ، فمن المشين أن نحوّل المشاعر الطيبة إلى معركة صمتٍ رجاء الكبرياء و خوف الضعف ، نحن الأشجع حين نبتدرهم التهنئة و نلتمسهم العذر عن كل لحظة سعادة أو تعاسة عايشوها دون أن نشاطرهم الشعور .

_أخبرتني مساء العيد أن ما مضى منه لم يكن وفق ما أرادت لأنها لم تفطن لأمزجة من حولها ، فأخبرتها أن الأمر لا يحتاج لذكي إنما لقوي فالأقوياء يرسمون الواقع كما كتبوا التاريخ !

_كنتُ أقرأُ ملامحها الممزوجة بالصدقِ و الحنين ، لقد كانتْ تتذكرُ والدتها التي لم تشاطرهم العيد هذه السنة ، قلت لها : تذكريها دوما و غالبي الفقد بالرضا و نسائم العيد فنسيانها جريمة بحق الوفاء .

_أجمل ما صافحتْ عيني تلك الابتسامات ، بعضها يرفرف بالفرح و بعضها الآخر يشبهه ، تُرى هل الفرح يصنعنا أم أننا من يصنع الفرح و الابتسامات ؟! ، و أكثر ما سمعت بعد عيدكم مبارك كان رنين (المسجات) تُرى هل أرواحنا الرابحة أم شركة الاتصالات؟!

_هل المسافات الزمانية التي تفصلنا عن النكسات و النكبات العربية و هل المسافات المكانية التي تبعدنا عن المسرى الكريم الكليم تنسينا الأحلام الكبيرة على قاعدة (البعيد عن العين بعيد عن القلب) أم أنها تزرعنا بنزوات الاشتياق وفقاً لما يقال عن العلاقة الطردية بين المسافة و الحنين ؟!

_آمل ألا تتحسروا على دقائقكم المهدرة في قراءة ما سبق كما تحسرتُ على اليومين الذين قضيتهما في رحاب كتاب (حكاية الحداثة) دون أن أخرج بشيء جديد ، ليتني استحضرتُ قبل ولوج رحابه أن (الحكايا) لا تضيف بقدر ما تأخذ !

وجه للعيد :
أستاذتي و صديقتي (فاطمة الضويحي) لقد وصلتني العيدية ليلة العيد ، كان لذلك الكتاب و تلك المجلة دويٌ في نفسي أقوى من دوي الألعاب النارية التي هتكت سكون الجوف تلك الليلة ، لكِ مني الشكر و الإخاء و من الله الجزاء .

ملاك الخالدي



هناك تعليق واحد:

  1. قلم حي وسيضل حي لينير دروب الآخرين

    شكرا يا شاعرة الجوف ملاك وشكري لأختي أنين لأنها عرفتني بدوحتك الجميلة

    واصلي

    ردحذف